استعرض الرئيس عبدالفتاح السيسي، رؤيته لمستقبل الاقتصاد المصري ومستهدفات الحكومة، وخططها لتحقيق النمو على صعيد الناتج المحلي الإجمالي، وخفض عجز الموازنة وتخفيض مستويات الدين العام، كما شرح الآثار التي ترتبت على القرارات التي اتخذتها الحكومة خلال الفترة الماضية، مثل تعديلات ضريبة الدخل وهيكلة دعم الطاقة، التي أدت إلى زيادة مخصصات الإنفاق على التعليم والصحة في موازنة العام المالي الجاري، لافتا إلى أنه بينما لا يزال الوقت مبكرا، إلا أن المردود الأولي لسياسات الاقتصاد الحكومية واعد، حيث بلغت تقديرات النمو 4.2% في موازنة 2014/2015، بعد عدة سنوات من نمو سنوي يدور حول 2% فقط.
وطرح السيسي، في مقال كتبه لجريدة "ديلي نيوز إيجيبت"، في عددها الصادر اليوم، بمناسبة انعقاد المؤتمر السنوي لمؤسسة "يورومني" في القاهرة، تحت عنوان "بدائل تمويل المستقبل الاقتصادي لمصر"، عدد من التحديات التي واجهته منذ توليه رئاسة الجمهورية، وكيف تعامل معها، كما أكد استمرار الإجراءات الإصلاحية للسياسات الاقتصادية في مصر، وما شملته من خطوات نحو ترشيد الدعم وتعديلات التشريعات الضريبية، كي تكون أكثر عدالة وتحفيزا للاستثمار.
وقال الرئيس، إن الحكومة تستهدف الوصول بمعدلات الدين العام إلى مستويات بين 80 و85% في العام المالي 2018 – 2019، وتسعى للوصول بالنمو إلى 5% خلال العام المالي الحالي، بفضل ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وأوضح أن ما تخطط له الحكومة، يستلزم على الأقل عملية إعادة هندسة ضخمة للنشاط الاقتصادي في مصر بالكامل، وجار إعادة هيكلة الاقتصاد بما فيه من موارده طبيعية وبشرية غير مستغلة لفترة طويلة جدا، فضلا عن تحديثه وتعديله بحيث يمكن أن يستفيد من إمكاناته بالكامل.
وأشار الرئيس السيسي، إلى إمكانية الاستفادة من دروس فترة الازدهار الاقتصادي الأخيرة التي شهدتها مصر، خلال منتصف العقد الأول من القرن الحالي، للتأكد من أن كل المصريين، سيستفيدون من ارتفاع النمو وليس مجرد عدد قليل، لضمان توزيع ثمار النمو بصورة عادلة، وأن يتحمل الإصلاح بصورة أكبر أولئك القادرون على تحمل آثاره بينما الفئات الأكثر ضعفا تبقى محمية.
وإلى نص المقال:
في العام الماضي، قررت مصر استعادة التحكم في مصيرها، وشرعت بعزم لا يلين في عملية تجديد سياسي واجتماعي واقتصادي، وكانت خطوتها الأولى استعادة الحياة السياسية في البلاد ،من خلال إجراء الاستفتاء على الدستور الجديد وانتخابات رئاسية، حيث كان الانتهاء بنجاح من الاثنين علامتان سياسيتان هامتان، لهما دور فعال في استعادة الثقة في الدولة المصرية ومؤسساتها، والإنجاز السياسي المقبل هو الانتخابات البرلمانية، التي ستجرى في أكتوبر ونوفمبر المقبلين خلال العام الجاري، حيث أتطلع إلى المساهمات التي سيقدمها البرلمان لإعادة بناء مصر، ليس فقط فيما يتعلق بصياغة قوانين جديدة، مع أهميتها في تعزيز مشترك لمسار البلاد نحو التنمية والازدهار بشكل أكبر، لكن بصفة خاصة لدوره في مراقبة أداء الحكومة وتمثيله لمصالح الشعب.
على الصعيد الاقتصادي، من المهم الإشارة إلى أن مصر واجهت أزمة داخلية حادة خلال فترة التحول السياسي، تسببت في تكاليف اقتصادية ومالية كبيرة، منها تضخم العجز في ميزانية الحكومة أكثر من 10%، وتقلص احتياطيات النقد الأجنبي كما ارتفع التضخم.
وناضلت العديد من الشركات للاستمرار، واضطر بعضها لإغلاق أبوابها، وتراجع كثير من المواطنين لما تحت خط الفقر، وزادت أعداد العاطلين عن العمل، فهذه هي مجموعة الظروف الاقتصادية التي واجهتني كرئيس منتخب حديثا في عام 2014.
وكان من المهم للغاية، وضع الاقتصاد على المسار الصحيح، وتخفيف معاناة الشعب المصري، وإعطاء المصريين الأمل في المستقبل، حيث كلفت الحكومة التي عينتها بعد فترة وجيزة من تولي منصب الرئيس، بتجهيز خطة عمل ذات مصداقية وفعالية.
كان يجب أن تلهم الخطة الثقة في آفاق الاقتصاد، من خلال معالجة الاختلالات بالتصدي لمشكلات مصر المتعلقة بالاقتصاد الكلي وضعف البنية التحتية على نطاق واسع، بما في ذلك النقص في قطاع الطاقة والنقل، بجانب إرساء أساس جديد للنمو المستدام من خلال تحفيز الإنتاجية والاستثمار وخلق فرص العمل.
وعلاوة على ذلك يجب وضع الاقتصاد على الطريق الصحيح، لتحقيق المطالب المشروعة للشعب المصري، في حياة بها قدر أكبر من الاستقرار والأمن والكرامة، وكذلك تحقيق تحسن ملموس في نوعية ونطاق القدرة على الحصول على الخدمات التي يستحقونها.
قابلت الحكومة هذا التحدي الهائل عن طريق وضع وتنفيذ مجموعة شاملة وبعيدة المدى من السياسات والبرامج والمشاريع، وتستحق قائمة الإنجازات الرئيسية خلال العام ونصف العام الماضي الإشارة إليها فيما يلي:
1) تم الانتهاء من مشروع قناة السويس الجديدة في الوقت المحدد في فترة قياسية "سنة واحدة"، ما يدل على قدرة الحكومة على تنفيذ المشاريع الكبيرة والمعقدة كما وعدت، ولن تعزز القناة الجديدة فقط القدرة التنافسية لمصر على المدى الطويل في التجارة الدولية وتوليد إيرادات إضافية للدولة، وإنما ستكون جزء من مساعي أوسع لتطوير منطقة اقتصادية جديدة، تعمل جنبا إلى جنب مع ممر القناة، وتشمل المجمعات الصناعية والمناطق اللوجستية والمنتجعات السياحية، وغيرها من المشاريع التي تقدم فرصا جديدة للقطاع الخاص وللباحثين عن وظيفة.
2) شيدت الحكومة طرقا جديدة في العام الماضي، لتوسيع شبكة الطرق الوطنية لتسهيل النقل والتجارة الداخلية، ونعمل أيضا على استصلاح مليون ونصف مليون فدان لزيادة الإنتاج الزراعي وتعزيز الأمن الغذائي، إضافة إلى مشاريع البنية التحتية الأخرى، وإصلاحات تعالج احتياجات مصر التي لم يتم تلبيتها طويلا، من إمدادات المياه والصرف الصحي والنقل والسكك الحديدية والموانئ والمستشفيات والمدارس.
3) كما بدأنا وبقوة ضبط الأوضاع المالية العامة في السنة المالية 2014/2015، فعلى جانب الإيرادات أدخلت الحكومة تعديلات على قانون الضرائب لجعل النظام الضريبي أكثر إنصافا وأوسع تغطية، وتحسين معدلات صعودها، ويشمل هذا الإجراء الأخير توحيد الحد الأقصى للضريبة على الدخل عند مستوى 22.5%، والذي سينطبق أيضا على المناطق الاقتصادية الخاصة، التي كانت تخضع سابقا إلى معدل ضريبي 10%.
باتخاذ هذه الخطوة، تسد الحكومة ثغرة العبء الضريبي، وبالتالي تحقيق العدالة في السياسة الضريبية مع زيادة فرص توليد الدخل، وإضافة إلى ذلك، بدأت الحكومة تطبيق الضريبة العقارية التي صدرت عام 2008، والتي لم يتم تطبيقها من قبل، كما أصدرت قانون بضريبة 10% على أرباح الأسهم المتداولة في البورصة.
في الوقت نفسه، تم تبسيط إدارة الجمارك وتحديثها، ما أدى إلى قفزة قوية في الإيرادات الجمركية بينما تم الحد من التكاليف، وهناك قانون التعدين الجديد الذي يحل محل قانون عام 1953، والذي يفسح الطريق للاستفادة من الإمكانات غير المستغلة في قطاع التعدين، وكذلك تقدم مصدرا جديدا للإيرادات.
وفيما يتعلق بالنفقات، تحركت الحكومة قدما في إصلاحات دعم الطاقة بجرأة، كما بدأت إجراءات للسيطرة على فاتورة أجور القطاع العام، وإجمالا، فإن جهد ضبط أوضاع المالية العامة الأساسية في العام المالي 2014/2015 – مع استبعاد المنح من حكومات أجنبية (حيث وردت لمصر منحا كبيرة في السنة المالية 2013/14 ولكن ليس في السنة المالية 2014/15) – نجح في الحد من النفقات بنحو 4% من الناتج المحلي الإجمالي، وبكل المقاييس فإن تصحيح أوضاع المالية العامة في سنة واحدة، يعد عملا استثنائيا، بخاصة بالنسبة لبلد تخرج من صعوبات كتلك التي تشهدها.
4) تمثل خطوة خفض دعم الطاقة في يوليو 2014 (وهو التعديل الذي بلغ وحده 2% من الناتج المحلي الإجمالي)، بداية مبشرة لخطة متوسطة الأجل للتخلص من هذا الدعم تماما تقريبا، باستثناء الدعم في منتجات الوقود والكهرباء التي يستهلكها الفقراء.
وتتعدد أبعاد أهمية إصلاح منظومة الدعم، حيث تحول الحوافز بعيدا عن النشاط الاقتصادي ذو الكثافة الرأسمالية نحو الأنشطة كثيفة العمالة التي تحتاجها مصر، وهو يدل أيضا على تحسن نوعي أساسي في طبيعة الإنفاق الحكومي، وترشيده من أجل خلق مجال للإنفاق على استثمار رأس المال والخدمات العامة واستهداف التحويلات النقدية، وانعكس هذا التحول على مخصصات الميزانية في السنة المالية 2014/2015 في مجالات الصحة والتعليم، والتي فاقت دعم الطاقة للمرة الأولى منذ سنوات عديدة، وكانت هذه السياسة اختيار جيد من الحكومة قبل الانخفاض الحاد في أسعار البترول العالمية، بعد أكتوبر 2014، وهو ما ساهم في مزيد من التقليص من وزن دعم الطاقة في الموازنة.
5) أطلقت الحكومة برامج "تكافل" و"كرامة"، والتي تقوم بتوزيع أموال نقدية مباشرة إلى المستفيدين المعنيين في أفقر مناطق مصر، بتغطية تصل إلى 500 ألف أسرة خلال العام المالي الحالي، ومن المخطط لها التوسع على مدى 3 سنوات قادمة لتصل عدد الأسر المستفيدة إلى 1.5 مليون أسرة.
6) مكننا الإصلاح المالي من تخصيص مساحة إضافية في موازنة العام الحالي، لزيادة الإنفاق الرأسمالي إلى 75 مليار جنيه، بزيادة تصل إلى 25%، بالمقارنة بالعام المالي السابق، في حين أن المبلغ المرصود في الميزانية، لا يزال أقل بكثير من احتياجات مصر.
وتمضي الحكومة قدما في الجهود الرامية إلى تشجيع القطاع الخاص على القيام بدور أكبر في تقديم الخدمات وتطوير البنية التحتية، بما في ذلك عن طريق الشراكة بين القطاعين العام والخاص وغيرها من الوسائل.
7) تم إصلاح نظام دعم المواد الغذائية لتحسين نوعية ونطاق اختيار السلع المقدمة للجمهور، مع الحد بشكل ملحوظ من تسرب الدعم، فبدلا من نظام الحصص السابق الذي يقلص السلع الغذائية الأساسية للمستفيدين إلى 5 فقط، يقدم النظام الجديد نقطة نظام تسمح للمستهلك بشراء ما يختاره من بين ما يقرب من 100 سلعة.
8) تم تحرير قطاع الكهرباء لتشجيع استثمارات القطاع الخاص، في كل من الطاقة التقليدية والمتجددة، ومع إقرار قانون تحرير الكهرباء في يوليو 2015، ستنتقل الدولة إلى دور تنظيمي صارم، بينما المسؤولية عن توليد الطاقة وتوزيعها، سيتحول إلى القطاع الخاص، وإضافة إلى ذلك شهد عام 2014، وضع الإطار القانوني لتعريفات تغذية الطاقة لتعزيز تنمية مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
9) يجري مواجهة عجز الكهرباء، بإضافة قدرات جديدة لتوليد الكهرباء، يتم ربطها على الشبكة القومية هذا العام، ويضمن توفير طاقة كافية لتلبية الطلب على الوحدات السكنية والصناعية على حد سواء، حيث نتوقع أن تستمر تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء بطريقة استباقية خلال السنوات المقبلة، بدعم من عزمنا على الوفاء بالالتزام بالقضاء على معظم الدعم على فاتورة الكهرباء والوقود كما ذكرناها سابقا.
10) تم تعديل عدد من القوانين أو أدخلت تعديلات على أخرى لتعزيز بيئة الأعمال المحلية وتعزيز سيادة القانون، وتشمل أبرز الإصلاحات التشريعية والتعديلات التي أدخلت على قانون الاستثمار، تعزيز الاستقلال وسياسة الشباك الواحد، وبالتالي تبسيط العمليات المختلفة للمستثمرين، ويتضمن قانون الاستثمار الجديد أيضا، آلية تسوية المنازعات، استنادا إلى أفضل الممارسات الدولية، ومن بين التشريعات المهمة الأخرى التي تم مؤخرا إقرارها لتحسين الظروف لممارسة الأعمال في مصر، هي قانون التمويل متناهي الصغر، والتعديلات التي أدخلت على قانون المنافسة.
11) تم تسوية قرابة 300 من المنازعات القانونية مع المستثمرين الأجانب، ويجري العمل على القضايا المتبقية حاليا، ويعتبر الهدف الرئيسي لجميع السياسات والبرامج والمشاريع ذو شقين: ضمان الاستدامة على المدى الطويل عن طريق تصحيح اختلالات التمويل متناهي الصغر في البلاد، وخلق منصة حيوية وتنافسية جديدة يقودها القطاع الخاص لتحقيق النمو.
ويستلزم ما تخطط الحكومة له على الأقل، عملية إعادة هندسة ضخمة للجهاز الاقتصادي في مصر بالكامل، وجار إعادة هيكلة الاقتصاد بما فيه من موارده طبيعية وبشرية غير مستغلة لفترة طويلة جدا، فضلا عن تحديثه وتعديله بحيث يمكن أن يستفيد من إمكاناته بالكامل.
في نفس الوقت، يمكن الاستفادة من دروس فترة الازدهار الاقتصادي الأخيرة، التي شهدتها مصر خلال منتصف العقد الأول من القرن الحالي، للتأكد من أن هذه المرة سيستفيد كل المصريين من النمو وليس مجرد عدد قليل، ما يعني أننا سنضمن توزيع ثمار النمو بصورة عادلة، وأن عبء الإصلاح يقع أكثر على أولئك الذين لديهم القدرة على تحمل آثاره، في حين أن الفئات الأكثر ضعفا تبقى محمية.
وبينما لا يزال الوقت مبكرا، إلا أن المردود الأولي لسياسات الاقتصاد الحكومية واعد، حيث بلغت تقديرات النمو 4.2% في موازنة 2014/2015، بعد عدة سنوات من نمو سنوي يدور حول 2% فقط، ونسعى للوصول بالنمو إلى 5% خلال العام المالي الحالي، بفضل ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، واستمرار انتعاش السياحة، وتنفيذ مشروعات متنوعة في مجالات الطاقة الجديدة والبنية التحتية والاستصلاح الزراعي، بجانب البدء في المرحلة الثانية من مشروع تطوير قناة السويس.
ويهدف سرد إنجازات العام الماضي وعدة أشهر، إلى التأكيد على أننا قمنا بتنفيذ كثير مما نحن ملتزمون به، رغم كافة الصعوبات، في وقت تعرضت فيه الحكومة لضغط كبير لاعتماد نهج يحقق لها الشعبية، بجانب العديد من المخاوف من أن ضبط أوضاع المالية العامة سيؤدي لوأد الانتعاش الاقتصادي في مهده قبل أن يحصل على فرصة ليزدهر.
وعلى الرغم من هذه الضغوط، كنا على استعداد لاتخاذ القرارات الصعبة، والمضي قدما في إصلاحات متأخرة طويلا ومثيرة للجدل، كانت الحكومات السابقة تعرف أنها ضرورية لكنها لم تنفذها، في نفس الوقت لا أقلل من التحديات السياسية والهيكلية التي كنا نصارعها، وكذلك التي ما زالت تنتظرنا فعملية التحول ليست سهلة أبدا، وخلق نموذج جديد للنمو الاقتصادي حتما يولد مقاومة من بعض الجماعات.
واجهنا التأخير في تنفيذ بعض الإجراءات الجديدة، بينما في حالات محددة تم وضع إصلاحات أخرى على قائمة الانتظار مؤقتا، ومع ذلك، فإن هذه التحولات لن تثنينا عن عزمنا على مواصلة الإصلاحات، كنا طموحين في تحديد مرحلة أولية من الانتعاش الاقتصادي، وهو ما تحقق بقوة دفع جيدة حتى الآن، لكننا نعلم أنه من الضروري تعميق جهود الإصلاح، فإذا لم نفعل ذلك فنحن نخاطر بفقدان المصداقية والثقة التي حصلنا عليها حتى الآن – ولن نغش المصريين حول المستقبل الأكثر إشراقا الذي يستحقونه، وسيستمر جوهر جهود الإصلاح لدينا ليظل ضبط أوضاع المالية العامة تدريجيا من أجل استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي، والضغط باتجاه قطاع خاص أقوي وأكبر.
ويعد الهدف الرئيسي، هو النزول بالدين المحلي لدينا لنحو 80-85% من الناتج المحلي الإجمالي، بحلول السنة المالية 2018/2019، كما أعلنت الحكومة في وقت سابق، وفي الوقت نفسه سنستمر في تحقيق التوازن بين هدف ضبط أوضاع المالية العامة، مقابل التزامنا الثابت بتعزيز العدالة الاجتماعية، مع جزء من المدخرات المتوفرة من مختلف تدابير التقشف، وتوجيهها لتمويل برامج التنمية، فضلا عن الخدمات للفقراء، فعلى سبيل المثال، يتم توجيه 50% من حصيلة الضريبة العقارية، لتحسين الأوضاع في الأحياء الفقيرة في المناطق الحضرية والريفية، وهذا التوازن يعني أن ضبط أوضاع المالية العامة سيكون أقل عدوانية بكثير من تحقيقه بطريقة أخرى، لكن وتيرة الإنجاز ستكون مناسبة في ضوء الأولوية في مصر لبناء مجتمع أكثر عدلا، وهو هدف نبيل في حد ذاته، كما أنه يصون استدامة الإصلاحات السياسية، وتتصدر التعديلات المقترحة على الضريبة العامة على المبيعات، ونحن ننظر إلى الأفق القريب، في جدول الأعمال الإصلاحات الرئيسية، حيث كانت تهدف لتصبح أهم عامل في جهد زيادة إيرادات العام المالي الماضي، لكن تم تأخيرها للسنة المالية الحالية.
يسهم الإصلاح المخطط له، في نقل مصر نحو تطبيق ضريبة القيمة المضافة (VAT)، وهو النظام الذي لن يقتصر فائدته فقط على زيادة الإيرادات، للمساهمة في ضبط أوضاع المالية العامة على المدى المتوسط، لكن أيضا تعزيز حوافز الاستثمار.
ومن خلال إخضاع الخدمات التي لا يتم دفع ضرائب عليها، وتوحيد نسبة الضرائب على السلع والخدمات، فإن النظام الجديد سيؤدي الي توسيع القاعدة الضريبية وتعزيز العدالة الضريبية، وستساعد آلية الاسترداد السريع وهي جزءا لا يتجزأ من تصميم القانون الجديد أيضا، على تحسين التدفق النقدي للشركات.
وتتوقع الحكومة، أن هذه المزايا الضريبية ستشجع العاملين بالاقتصاد غير الرسمي، على الانضمام إلى القطاع الرسمي، كما أنها ستساعد المشاريع الصغيرة لتصبح أكبر حجما وأكثر قدرة على المنافسة، ضمن جهود تعزيز النمو وخلق المزيد من فرص العمل.
وتعد الحكومة أيضا نظام ضريبي مبسط للشركات الصغيرة والمتوسطة، يجمع بين المبيعات وضرائب الدخل، للحد من متاعب البيروقراطية بالنسبة لهم، وتمثل التقلبات التي شهدناها مؤخرا في الأسواق العالمية كذلك، مبررا للأساس المنطقي لاستكمال أجندة الإصلاح في مصر، ففي حين أنه تم هيكلة إطار سياستنا الاقتصادية بالفعل لإدارة التحديات الداخلية، فإنه يجب أن نستمر في بناء مصدات أقوى ضد المخاطر الخارجية المحتملة، في نفس الوقت، بينما قد يترتب على الوضع العالمي حاليا بعض الآثار غير المباشرة السلبية على مصر، فإن انخفاض أسعار السلع الأساسية يمكن أيضا أن يخلق فرصا جديدة المستثمرين أصحاب المبادرة، ولتعزيز المرونة الاقتصادية في مصر على المدى الطويل، نحن بحاجة أيضا إلى التركيز على تعزيز وتعميق التصنيع لدينا وقاعدة الانتاج، وزيادة القيمة المحلية المضافة، وتحسين كفاءة القوى العاملة المصرية، وفي التحليل النهاية، ستظل الأسس الاقتصادية الجيدة والبيئة المواتية للقطاع الخاص والاستثمار الأجنبي، وتطوير نموذج نمو يعتمد على السوق المحلية الكبيرة في مصر، أفضل وصفة لسياسة الحفاظ على النمو وحماية الرفاهية الاجتماعية للشعب المصري.